القائمة الرئيسية

الصفحات

                       

قرية الزينية المصرية 

بقلم مهندس/ محمود فوزى

8273@eng.asu.edu.eg

للوصول لجميع مقالاتى بموقع المجلة السابق من هنا 

وللوصول لجميع مقالاتى بالموقع الجديد من هنا 

تقع قرية الزينية في شمال محافظة الأقصر في صعيد مصر، وهي واحدة من القرى القليلة التي لا تزال تحتفظ باللغة المصرية القديمة كلغة حية.حيث يتكلم أهالي القرية، مسلميها ومسيحييها اللغة القبطية في حياتهم اليومية بالتوازي مع اللغة العربية و تعتبر هذه القرية رمزا للتراث الثقافي والتاريخي لمصر القديمة، حيث تمكن أهلها من الحفاظ على لغتهم الأم على مدى آلاف السنين. 

وهى ايضا وجهة سياحية للراغبين فى التعلم اللغة القبطية من دارسى الدراسات العليا والاثار ودارسى اللغات القديمة محليا وعالميا.

نشأة القرية

تعود أصول قرية الزينية إلى العصور القديمة، حيث كانت جزءا من الحضارة الفرعونية العظيمة. نشأت القرية على ضفاف نهر النيل، وكانت مركزا زراعيا وتجاريا هاما في ذلك الوقت. مع مرور الزمن، استمرت القرية في النمو والتطور، لكنها حافظت على الكثير من تقاليدها وعاداتها القديمة، بما في ذلك اللغة المصرية القديمة.

دور الكنيسة في تعليم اللغة المصرية القديمة

من العوامل الرئيسية التي ساعدت على الحفاظ على اللغة المصرية القديمة في قرية الزينية هو دور الكنيسة القبطية.

 منذ القرون الأولى للمسيحية في مصر، لعبت الكنيسة القبطية دورا هاما في الحفاظ على اللغة القبطية، التي تعد تطورا للغة المصرية القديمة (الديموطيقية). وذلك نتيجة حفاظ كنيسة الأنبا باخوم في هذه القرية على تقليد ثابت منذ الازل، وهو اعطاء دروس مرتين اسبوعيالأطفال القرية، يتدرجون بها في اربع مراحل تعليميه وصولا الي شهادة البكالوريا القبطية. 

ويتطوع الكبار الذين يتقنون اللغة بتدريس الصغار في الكنيسة في دائرة لم تنته منذ مئات السنين . بقيت اللغة القبطية دون أي تحريف، رغم وجود مشروع في القرن التاسع عشر لتوحيد اللغة القبطية مع اللغة اليونانية حتى تتوحد اللغة في الكنيستين القبطية واليونانية. 

لكن أقباط مصر تصدوا لهذا المشروع بسبب وجود اختلافات بين اللغتين وأصروا على الحفاظ على لغتهم المصرية الأصيلة لتتوارثها الأجيال.وأدخلت نصوصا دينية باللغة المصرية القديمة في صلواتها وطقوسها. هذا الاهتمام بالتعليم الديني بلغته الأصلية ساهم في نقل اللغة من جيل إلى جيل، وحافظ على وجودها كلغة حية.

اللغة القبطیة ھي آخر مراحل اللغة المصرية القديمة، التي ظھرت كترجمة للغة المصرية القديمة، التي كانت تأخذ مساحة كبیرة في الكتابة، ومع الوقت تقلصت اللغة القبطیة داخل الكنائس.يقول نبیل إسطفانوس، خادم كنیسة الأنبا باخوم بقرية الزينیة بحري، إن اللغة المصرية القديمة مرت بأربع مراحل على مر العصور، في البداية كانت اللغة الھلیروغلفیة وكانت خاصة بالملوك ونقش أعمالھم علي الجدران والقصور، ثمتطورت للھیراطیقیة، وھي لغة كانت خاصة بالكھنة، ثم تطورت اللغة في المرحلة الثالثة للغة الديموطیقیة وكان يتحدث بھا عامة الشعب، ثم تطورت للغة الى اللغة القبطیة.

ومع دخول العرب مصر، بدأ الأقباط يتعلمون اللغة العربیة بسبب العمل في الدواوين، وبین القرنین السابع عشر والثامن عشر اختفت اللغةالقبطیة، لكنھا ظلت حاضرة في الكنائس القبطیة.وفي عھد البابا كرولس الرابع في القرن التاسع عشر ظھر مشروع لتوحید الكنیسة القبطیة بمصر بالكنیسة الیونانیة، ومن مظاھر التوحید ھي توحید النطق، وتسبب ذلك في خلق خطأ كبیر في نطق اللغة، فأصبح الأقباط ينطقون اللغة القبطیة بالنطق الیوناني الحديث، حتى انتھي اللفظ القديم دون أن يلاحظ أحد التغییر بین اللفظین القديم والحديث.

أقامت الكنيسة مدارس لتعليم اللغة القبطية للراغبين التعلم اللغة المصرية القديمة من خارج القرية وخارج مصر ايضا، فھناك اربع شھادات باللغة القبطیة( كامي- ساجي- سنام مودي- والبكاريوس).

الشھادة الأولي (كامي): ھي البداية وتتكون من الأرقام والحروف والنطق الشفوي والكلمات البسیطة.

الشھادة الثانیة (ساجي): ھي تعلیم اللغة وأشكال الحروف مع الألحان أخري.

الشھادة الثالثة (سنام مودي): ھى مستوى الكتابة والترجمة.

الشھادة الرابعة (البكاريوس) :  فھي الشھادة الأخیرة ويحصل علیھا من ينتھي من جمیعالمراحل والدروس القبطیة لیصبح مھیأ لیكون مدرس يجید القراءة والكتابة باللغة القبطیة.

أسباب الحفاظ على اللغة المصرية القديمة

هناك عدة أسباب تفسر قدرة أهل قرية الزينية على الحفاظ على لغتهم القديمة:

1- الهوية الثقافية: يعتبر أهل الزينية اللغة جزءا لا يتجزأ من هويتهم وثقافتهم. اللغة المصرية القديمة ليست مجرد أداة تواصل، بل هي وسيلة لإبراز التراث والفخر بالتاريخ العريق للقرية.

2- الدين والتعليم: كما ذكرنا، لعبت الكنيسة دورا مهما في تعليم اللغة المصرية القديمة. المدارس والكنائس المحلية حافظت على النصوص الدينية والصلوات باللغة القبطية، مما ساعد على استمرار استخدامها.

3 - الدعم الاجتماعي : المجتمع المحلي في الزينية يدعم بقوة الحفاظ على اللغة المصرية القديمة. هناك شعور مشترك بين السكان بأهمية المحافظة على اللغة كجزء من التراث الثقافي.

إعداد وتقديم         

م. محمود فوزى     

تعليقات